lundi 11 juillet 2011

الجزيرة' وتهديدات القتل لابنائها

'الجزيرة' وتهديدات القتل لابنائها
رأي القدس
2011-07-10


في ظل حالة الاستقطاب السياسي والطائفي التي تعيش فيها المنطقة العربية هذه الايام، بات من الصعب ان تكون اعلاميا، سواء كنت منحازا او محايدا، لان اللون الرمادي ممنوع، فالشعار السائد هو اما ان تكون معنا او ضدنا، وفي الحالين عليك ان تتحمل النتائج المترتبة على موقفك هذا.
نقول هذا الكلام بمناسبة تعرض زملاء وزميلات في محطة 'الجزيرة' الفضائية لتهديدات بالقتل، مرفوقة بافلام 'مفبركة' تخدش الحياء، خاصة بالنسبة الى زميلات مذيعات معروفات بسمعتهن الشخصية والمهنية الطيبة.
لا نجادل في ان قناة 'الجزيرة' اتخذت مواقف قوية تأييدا للثورات الشعبية التي تسعى من اجل التغيير الديمقراطي في اكثر من بلد عربي، وهذه المواقف قد تكون ذهبت بعيدا في حماسها، واحيانا مبالغتها في تأييد هذه الثورات، ولكن هذا لا يعني، بل لا يجب، ان تتعرض، ونجومها، لمثل هذه الحملات والتهديدات المجحفة والظالمة وغير الاخلاقية في الوقت نفسه.
من حق الذين يختلفون مع المحطة، او اي محطة اخرى ان يعبروا عن وجهة نظرهم في تغطيتها الاعلامية للثورات العربية، وما يمكن ان تتصف به من مبالغات حسبما يعتقدون، ولكن ليس من حقهم التجريح وبطرق تفتقر الى ادب الحوار، وتخرج عن كل المعايير المتبعة في التعبير عن الخلاف او الاختلاف.
الخلاف مع 'الجزيرة' والقائمين عليها خلاف سياسي، ويجب ان يظل في هذا الاطار، بعيدا عن كل اطر الشخصنة، خاصة عندما يتعلق الامر بزملاء او زميلات يقومون بعملهم ويلتزمون بالاوامر او التوجيهات الصادرة اليهم او اليهن من المسؤول الاعلى في المحطة ومساعديه.
ندرك جيدا ان تغطية الجزيرة للثورات الديمقراطية العربية تنطوي في بعض الاحيان على جوانب تحريضية، مثلما ندرك ايضا ان بعض الصور غير دقيقة، وان بعض شهود العيان قد يتحدثون بعيدا عن موقع الحدث، مثلما ندرك ان هذه التغطية قد تؤدي الى اسقاط انظمة تمثل منظومة كاملة من المصالح والفئات الاجتماعية والسياسية، ولكن هذا لا يعني اللجوء الى لغة التهديد والوعيد واغتيال شخصية اناس لا حول لهم ولا قوة، وكل ذنبهم انهم عبروا عن وجهة نظرهم بكل حرية، وهذا حق يجب ان يحترمه كل انسان حضاري يؤمن بالرأي الآخر.
ان تهديد أنظمة لمذيعين او صحافيين بالقتل لانهم اختلفوا معها في الرأي، وطالبوا بالاصلاحات الديمقراطية، يؤكد ان كل أحاديث هذه الانظمة عن استعدادها لتطبيق الاصلاحات الديمقراطية وترسيخ حريات التعبير من خلال قوانين جديدة للاعلام هي احاديث غير جدية لا يمكن التعويل عليها او تصديقها. فمن يقابل الرأي الآخر بالتهديد بالقتل لا يمكن ان يؤسس لاعلام حر، واحترام وجهة نظر الآخر، وترسيخ التعددية الحزبية.
نحن لا نبرئ 'الجزيرة' او اي محطة تلفزيونية عربية اخرى من ارتكاب اخطاء، او الاقدام على تجاوزات، سواء عن طريق الخطأ، او حتى بشكل متعمد، ولكن الرد على هذه التجاوزات، او التغطية غير المهنية يأتي من خلال فتح الابواب لهذه القنوات ومراسليها للقيام بالتغطية من موقع الحدث ثم بعد ذلك محاسبتها اذا ما انحرفت هذه التغطية عن المعايير المهنية.
محطة 'الجزيرة' وقفت بقوة الى جانب الانظمة التي تهدد الزملاء العاملين فيها، وكان هذا الانحياز من اكبر المآخذ عليها، وهذا الموقف يجب عدم تناسيه، او القفز عنه لان البعض يتحفظ على بعض جوانب تغطياتها للثورات العربية، او انحيازها للشارع العربي الذي كان دائماً بوصلتها الحقيقية.
نحن في هذه الصحيفة، تضامنا دائماً مع زملائنا ابناء المهنة عندما واجهوا تهديدات بالقتل او تعرضوا لمضايقات، سواء في مؤسسات او محطات نختلف مع توجهاتها او نتفق، وانحزنا دائماً لحق الزملاء في ممارسة مهنتهم بكل حرية، ولم يحدث مطلقاً ان تهجمنا على زميل أو زميلة، ومن هذا المنطلق نجد انفسنا، بل من الواجب علينا، ان نقف في خندق الزميلات والزملاء في محطة 'الجزيرة' في مواجهة هذه التهديدات والحملات الظالمة التي يتعرضون لها هذه الايام، وان نعلن تضامننا الكامل معهم، لان اخلاقنا العربية الاسلامية تفرض علينا ان نقارع الحجة بالحجة، والرأي بالرأي، وليس بأساليب التجريح الشخصي والمسدس الكاتم للصوت ورصاصاته القاتلة.