samedi 28 mai 2011

شكرا لمصر

شكرا لمصر

رأي القدس
يبدأ العمل في معبر رفح الفلسطيني على الحدود بين مصر وقطاع غزة بشكل دائم اعتباراً من يوم غد السبت، بعد قرار الحكومة المصرية الجديدة بتخفيف معاناة ابناء القطاع الذين يقترب عددهم من مليوني نسمة، يقيمون في شريط لا تزيد مساحته عن 150 ميلاً مربعاً.
القرار المصري جاء مفاجئاً للسلطات الاسرائيلية التي لم تعلم به، ولم يتم التنسيق معها حوله، الأمر الذي يعكس عملية التغيير الكبيرة التي حدثت في مصر بعد انتصار ثورتها الشبابية في اطاحة نظام حكم الرئيس حسني مبارك.
بات بمقدور ابناء القطاع، ولأول مرة منذ اكثر من أربعين عاماً، الخروج من السجن الكبير الذي اعتقلتهم فيه سلطات الاحتلال الاسرائيلي واحكم اغلاقه الرئيس مبارك تحت ذرائع عديدة، ابرزها الحفاظ على امن اسرائيل، ومنع وصول اسلحة الى حركات المقاومة في القطاع المحاصر.
منظر المرضى الفلسطينيين الذين كانوا يتكدسون على جانبي المعبر تحت درجة حرارة تقترب من الخمسين درجة مئوية في عز الصيف، ومن درجة الصفر في فصل الشتاء، هذا المنظر كان يدمي القلب، خاصة اذا ترافق مع المعاملات المهينة للعابرين او المنتظرين على ايدي قوات امن غليظة القلب، جافة المشاعر الانسانية، يتلذذ بعض افرادها في تعذيب هؤلاء نفسياً، واحياناً جسدياً.
مصر الثورة وضعت حدا لكل هذه الممارسات، وجعلت حل مشكلة المعبر من ابرز اولوياتها، ولم يمر وقت طويل (بضعة اسابيع) حتى بادرت بفتح المعبر من الجانبين بشكل دائم، غير عابئة بالاحتجاجات الاسرائيلية، والتوسلات بالتنسيق المسبق في هذا الاطار.
معبر رفح مسألة تتعلق بالسيادة المصرية، هكذا قال اكثر من مسؤول مصري، بينهم وزير الخارجية الدكتور نبيل العربي، لان قطاع غزة هو عمق استراتيجي للامن القومي المصري، او احد ابرز حلقاته على الاقل، وعلينا ان لا ننسى ان هذا القطاع كان خاضعا لادارة الحاكم العسكري المصري منذ نكبة فلسطين عام 1948 وحتى احتلاله من قبل القوات الاسرائيلية عام 1967.
ومن الطبيعي الاعتراف بان المصالحة الفلسطينية التي جرى توقيع اتفاقها في القاهرة قبل اسابيع، بحضور امناء الفصائل الفلسطينية ورعاية الحكومة المصرية، لعبت دورا كبيرا في تسهيل عملية فتح المعبر، ولهذا لم يكن مفاجئا ان تلتقي السلطتان في رام الله وغزة على ارضية الترحيب بهذه الخطوة المصرية.
ولعل الترحيب الاكبر هو الذي عبر عنه ابناء قطاع غزة بمسيرات الفرح التي نظموها، عرفانا بالجميل، واستبشارا بفجر جديد في العلاقات المصرية ـ الفلسطينية، فمرحلة التهديد بتكسير الاطراف قد ولت الى غير رجعة، واصبح مكان رموزها خلف القضبان انتظارا لمحاكم عادلة من قبل قضاة العهد المصري الجديد المستقلين.
شكرا لمصر الثورة، وشكرا لابناء مصر الذين قدموا الشهداء لاستعادة كرامة بلدهم وهيبتها ودورها، شكرا نقولها من قلب يفعم بالمحبة والايمان بمصر ومكانتها ووطنيتها وانحيازها الدائم للمظلومين والمحرومين.
البسمة عادت الى وجوه ابناء القطاع بعد عقود من المعاناة، بعد ان استعادوا كرامتهم والجزء الاكبر من حريتهم، انتظارا لاستكمال ما تبقى بعد التحرير الكامل وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

alkouds