jeudi 24 mars 2011

قطاع التمور بقبلي

قطاع التمور بقبلي

سيطرة «ثلاثة كبار»..إفلاس الصغار..

تعتبر قبلي من أقدم المدن والواحات في تونس وشمال إفريقيا،اقتصادها قائم على قطاعين رئيسيين السياحة و الفلاحة التي تعتبر أهم منشط اقتصادي للولاية التي تشتهر خاصة بإنتاج التمور عالية الجودة «دقلة النور» التي تُصدّر لكافة أنحاء العالم ،هذا القطاع عكس بعض الولايات الأخرى المنتجة للتمور في تطور مستمر حيث بلغ الإنتاج رقما قياسيا خلال السنة الماضية قدر بـ 97الف طن منها 83 ألف طن من دقلة النور أي ما يفوق نسبة %65 من الإنتاج الوطني.

تضاعف الإنتاج بوّأ تونس احتلال المرتبة الأولى عالميا من حيث العائدات المالية المتأتية من صادرات التمور والمرتبة الرابعة من حيث حجم صادراتها منها. ونظرا للارتباط الوثيق لآلاف العائلات بالنخلة وإنتاجها ما مدى الاستفادة الفعلية للجهة من القطاع؟ ثم ما هي أهم العوائق التي تعترضه وكيفية تجاوزها؟

انتشرت غراسة دقلة النور بقبلي منذ ستينات القرن الماضي عندما كانت المعتمدية راجعة بالنظر إداريا لولاية قابس في ظل هيمنة قلّة من "المتسيسين" على المشهد السياسي بالجهة -فيهم من واصل تشبثه بالتواجد والسيطرة حتى 14 جانفي إلا بعض الثواني - فوتوا في سلطة قرار الجهة حتى بعد بعث الولاية بداية الثمانينات لبعض السماسرة والمتنفذين في السلطة إضافة لـ"المسؤولين" الجهويين والمحليين مما جعل الفلاح مجرد عامل عندهم وهنا يؤكد منصور رجب وهو مهندس مساعد سابق بوزارة الفلاحة وقع طرده من العمل بتهمة(تهنئة زميل له إثر الإفراج عنه !!): "رغم توسع المساحات وتطور الإنتاج مع ظهور تدريجي لكبار المالكين مؤخرا بدعم من عائلات الفساد فان سعر التمر راوح تقريبا مكانه لأن تحديده يتم من طرف 3 أو 4 أشخاص ممن هيمنوا على عملية التصدير وذلك يعود خاصة لغياب الدور الفعلي لاتحاد الفلاحين الذي كان اتحاد كبار الفلاحين ففروعه المحلية وممثليه القاعديين لا وجود لهم إلا من مؤتمر لآخر بل كانوا من المعرقلين حتى في بعث ديوان للتمور بالجهة من شأنه حماية الفلاح على غرار باقي الدواوين رغم الطلبات العديدة والمتعددة ببعثه منذ سبعينات القرن الماضي كذلك الوجود الصوري للجمعيات المائية". مطلب بعث الديوان دعمه مسؤول فلاحي بالجهة أقر بجدواه حيث بين أنه لم يقع الاستجابة للمطالب الملحة التي طُرحت جهويا وحتى وطنيا منذ المخطط السابع الصادرة سواء من الفلاحين أو الفنيين أو الباحثين لأنه سيتعارض مع مصالح خاصة "ثلاثي من كبارات القطاع" ممن هيمنوا على قطاع التصدير من خلال مساهمته في تقنين الأسعار إضافة لتعديل عملية العرض والطلب وخير دليل على ذلك أنه خلال السنوات القليلة الماضية بعد إنجاز حوالي 10 مؤسسات تنشط فى قطاع تكييف وتصدير التمور بالجهة التي مكنت من تخزين وتبريد قرابة 22 ألف طن السنة الماضية تضاعف سعر كلغ الدقلة الذي فاق لأول مرة 2.5د بعد أن بقي مستقرا لأكثر من عقد في الدينار الواحد".

سيطرة

سيطرة "الثلاثي" على قطاع التصدير تعايش معها المواطن وكرستها سلطات "العبث التنموي" الجهوية المتعاقبة فخلال ندوة أقيمت حول التمور بقبلي منذ حوالي 15 سنة حضرها أحد أضلاع المثلث وبعد استماعه لتدخلات المشاركين التي عرّجت باحتشام لغياب أو تغيب أبناء الجهة في عملية التصدير أجاب بتهكّم عن التساؤلات بالقول أن عملية التصدير ليست بتلك السهولة التي تتصورونها فأنا "بابا" كان من الأوائل الذين أسسوا القطاع حيث كانت تُحمل التمور بالدواب ثم بالقطار..." بعبارة أخرى هو مجال خاص بأصحابه "الكبار" فلا دخل لكم فيه أيها الصغار.".

نسبة تصدير منخفضة

وعودة للمسؤول الفلاحي الذي أضاف أنه لا يعقل أن ولاية قبلي التي تنتج أكثر من 65 %من الإنتاج الوطني للتمور لا تصدّر إلا نسبة تتأرجح من 5 إلى6% !!! حيث صدرت الجهة سنة 2008 حوالي 3.2 ألف طن وفرت قرابة 10مليارات ثم 4.6 ألف طن سنة 2009 في حين اجتازت في نفس السنة إيرادات تصدير التمور على المستوى الوطني عتبة 200 مليون دينار !

ربما هذه الأرقام تؤكد أن الفلاح بقبلي يعمل "خماسا "(عبارة تطلق على بعض العاملين بنسبة الخمس) عند قلة تحكمت في القطاع عبر وسطاء لها ساهموا في إفلاس العديد من صغار الفلاحين حيث لا يتم خلاص الجزء الأكبر من مستحقاتهم إلا بعد شهور وحتى سنوات كما بين فلاح من بشري بمعتدية سوق الأحد "عشت لسنوات خلال التسعينات مماطلات وسيط مقيم بتونس العاصمة يَدين لي مبلغا يقارب 5 ملايين حتى فقدت الأمل لأغلق هذا الملف وإلى الأبد ...".

عودة الأمل

إذن الأمل كبير عند فلاحي الجهة أن يسترجعوا - بعد ثورة أعادت لهم حريتهم وكرامتهم بفضل شباب وطلبة ومعطلين عن العمل من أبناء الفلاحين والكادحين والمهمشين -سلطة قرارهم ويتمتعوا بكل التشجيعات والحوافز بعد أن تستعيد الهياكل الساهرة على الإرشاد والتأطير والبحث الفلاحي إضافة لاتحادهم أدوارها الفعلية للنهوض بالقطاع وتخطي العوائق والإشكالات العالقة به منذ عقود.

محمد الأزهر الحشاني